في نادي طرطوس السينمائي، رأيتُ لأول مرة سينما مختلفة. لم تكن تلك الأفلام مزدحمة بالأبطال الخارقين أو الحكايات المعجونة بالأساطير. كانت سينما تشبه الحياة: أبطالها أناسٌ حقيقيون، يسيرون في شوارع ضيقة، ويشربون القهوة في مطابخ بسيطة، وينامون تحت نوافذ مطلة على الحياة.
كانت الكاميرا تقترب من تفاصيلهم اليومية كما لو كانت تمسك بيدهم وتقول: “أنت مهمّ، أنت تستحق أن تُروى قصتك.”
حينها، شعرت أن هذه السينما تتحدث عني، عن ذلك الفتى المراهق في مدينة صغيرة على المتوسط، الذي يحمل البحر في قلبه، ويحلم بأن يُنصت له العالم ولو لمرة.
علّمني النادي أن السينما ليست فقط ما نراه، بل ما نشعر به. دفعتني تلك العروض الأسبوعية إلى الغوص في داخلي، إلى اكتشاف ذاتي على الشاشة، وإلى الإيمان أن الصورة يمكن أن تكون مرآة، وأن الحكاية قد تكون طريقًا.