Press

«النفق» تحوّل مع النزوح .. من منطقة عبور إلى مستقر

جريدة الثورة – فؤاد مسعدة :

2013/05/29

 

شكّلت الانعكاسات الانسانية والاجتماعية للأزمة التي تعيشها سورية حالياً العامود الفقري للفيلم التسجيلي (النفق) الذي سلط الضوء على واحدة من تداعيات تلك الازمة ،

ألا وهي موضوع اللجوء والنزوح الداخلي الذي بات يعاني منه أهالي العديد من المناطق .. يقع الفيلم في خمس وعشرين دقيقة ، إخراج وتصوير سيمون سمير صفيه ، مونتاج وغرافيك (icon art) ابراهيم هشام ملحم وأيهم صالح ، إنتاج (الأفلام الفقيرة ـ poor film) بالتعاون مع النادي السينمائي بطرطوس وموقع طرطوس الآن . وقد صور بواسطة كاميرا (canon 600d) دون أي ضوء أو ميكرفون . وسيعرض في المركز الثقافي بطرطوس الساعة السادسة مساء من يوم الخميس القادم الذي يصادف أيضاً الذكرى الـ (32) لتأسيس النادي السينمائي بطرطوس . حول خصوصية الفيلم والهدف وراء إنجازه والمحاور الأساسية التي يتناولها تحدث مخرجه سيمون صفيه قائلاً:‏‏

يرصد الفيلم حياة اللاجئين السوريين في الداخل السوري ، وهذا جل ما استطيع فعلهُ في ظل ما يحدث في سورية اليوم ، ومن وجهة نظري كصانع أفلام باحث عن مادة فيلمية جلتُ في العديد من مراكز إيواء اللاجئين في سورية للبحث في أوضاعهم وتسجيل لحظات وتفاصيل حياتهم ضمنَ وطنهم الأكبر ولكن بعيداً عن منازلهم ، فوجدتُ في مدينة طرطوس مادة حقيقية تصلح لصناعة فيلم تسجيلي وكانت هذه المادة ، حيث عشرون عائلة تقطن في نفق تحت الأرض على الكورنيش البحري بطرطوس، والفيلم لا يرصد كل جوانب حياة الوافدين (كما اصطلحَ تسميتهم) ولكن قد يرصد أقسى هذه التجارب في المناطق التي زرتها، ويمكنني القول إني لم أرَ في كل المناطق التي زرتها عائلة واحدة تقطن في خيمة .‏‏

 

ـ من هم أبطال فيلمك الحقيقيون ؟‏‏

الأبطال متنوعون فليس هناك بطل واحد ولا حكاية نرصدها ، وإنما هناكَ العديد من القصص التي تروى من خلال شخوص نستعرض حياتهم قبل الأحداث وتأثير هذه الأحداث عليهم وانتقالاتهم حتى وصلوا إلى طرطوس وإلى هذا النفق تحديداً، نرصد تفاعلهم مع البيئة الجديدة وأسلوبهم بالتكيف مع ظروف الحياة المختلفة، أتوا من عدة محافظات وهم من أعمار مختلفة ، وجوه تظهر وأخرى تخاف الظهور أمام الكاميرا خوفاً من انتقام ما !.‏‏

البطل الحقيقي في الفيلم هوَ المكان (النفق) عدد القاطنين فيه، هذا المكان الذي تحولَ من منطقة عبور إلى مستقر!.. نرصد تغيراته وتبدلاته وتفاعل الأفراد معهُ كل على حدة، هناك فلسفة معينة اعتمدتها بالابتعاد عن شخصنة الفيلم حتى بالصورة فقد كنتُ حيادياً على قدر ما أستطيع وحاولتُ نقل الصورة كما هيَ بعيداً عن المبالغات الحسية بقصد الاستعطاف فالفيلم فيهِ البسمة أكثر مما فيهِ الدمعة رغم مرارة الواقع ولكن بالحقيقة هكذا نحن نضحك رغم الأسى ونغني على الجراح لتلتئم .‏‏

 

ـ لِمَ التركيز على الأطفال ؟‏‏

هناكَ تركيز إلى حدٍ ما على الأطفال فهم الأمل القادم لهذا الوطن ، الطفل الذي يضحك ويلعب رغم كل ما رآه بعينيه وسمعهُ بأذنه رغم خسارتهِ حقهُ بالاستقرار .‏‏

 

ـ هل كانت الغلبة في الفيلم للجانب الإنساني من الأزمة؟‏‏

الفيلم إنساني بحت ، لم أرسل عبره أي رسالة سياسية ، وإنما قدمتُ واقعاً إنسانياً كما هوَ بشخوص حقيقيين رافقتهم على مدى أشهر حتى صارت الكاميرا جزءاً من حياتهم يتعاملون معها بلا تكلف .‏‏

النفق هوَ اختصار حقيقي لما يحدث في سورية، فهي أيضاً تمر بنفق مظلم ولكن بالنهاية لا بدَ سينتهي ونخرج منه .‏‏

 

ـ ما الصعوبات التي اعترضت تصوير وإنتاج الفيلم ؟‏‏

هناكَ الكثير من الصعوبات التي تعترض صناعة فيلم مستقل وخاصة أنه ليس هناك أي جهة في سورية تهتم بدعم هكذا مشاريع ، لذلكَ اتبعت منهجاً معيناً في هذا الفيلم من خلال التعاون مع العديد من الجهات كالنادي السينمائي بطرطوس وموقع طرطوس للحصول على موافقات التصوير من قبل الجهات المختصة ، كما قمتُ بالتصوير بكاميرتي وبمعدات بسيطة ، وكنتُ أقضي وقتاً طويلاً في التصوير لأعود إلى المنزل وأقوم بعملية الاستعراض والأرشفة وبناء السيناريو ووضع خطة اليوم التالي. أما في المرحلة التالية فحصلتُ على دعم من قبل شركة icon art التي قمت معها بمونتاج الفيلم وهنا أتوجه بالشكر لإبراهيم ملحم وأيهم صالح على ما قدماه سعياً لإنجاح العمل ، وللمخرج أوس المحمد على دعمهِ لنا.‏‏

 

ـ ما الهدف من تأسيس الـ (الأفلام الفقيرة ـ poor film) ؟‏‏

بعد تصوير الفيلم أحسستُ أكثر بأهمية وجود سينما مستقلة في سورية لذلك قررت وبالتعاون مع icon art التأسيس لمشروع جديد هوَ (الأفلام الفقيرة ـ poor film) ويهدف إلى صناعة سينما سورية مستقلة واعداد مجموعة من الشباب القادرين على صناعة أفلام بجهودهم الشخصية بعدَ التدريب على يد مجموعة من المختصين، ويتم الآن وضع خطة تأسيسية للمشروع واطلاق موقع إلكتروني له ويعتبر (النفق) أول انتاجات هذا المشروع الذي يمهد لتجارب أخرى تهدف إلى صناعة أفلام مستقلة تسهم في تنمية المجتمع السوري .